المركزي التركي في مأزق قبل اجتماع «أسعار الفائدة»
قالت وكالة بلومبرج العالمية، إن البنك المركزي التركي في مأزق، كما يترقب المستثمرين معرفة كيفية حل صانعو السياسات معضلة تخفيض أسعار الفائدة من جهة، والحاجة إلى رفع تكاليف الاقتراض للسيطرة على تراجع الليرة لأدنى مستوياتها أمام الدولار من جهة أخرى.
وأوضحت بلومبيرج فى تقرير حديث، اليوم الأحد، أن الإسراف في الائتمان الذي لم يسبق له مثيل الذي شهدته الأشهر الأخيرة من شأنه أن يشير عادة إلى رفع أسعار الفائدة، وكحل بديل، لجأ البنك المركزي التركي إلى تشديد القيود.
وفي أعقاب الاضطرابات في الأسواق المالية التي هبطت بالليرة إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار، توقفت السلطة النقدية الأسبوع الماضي عن توفير السيولة بأرخص سعر لها بنسبة 8.25% عن طريق تعليق مزادات الريبو لمدة أسبوع، وهو الآن يعدل تكلفة التمويل على أساس يومي، ما يعدل كمية السيولة المتاحة للمقرضين عبر معدلاتها المختلفة.
وزادت سلسلة الخطوات بشكل فعال من متوسط تكلفة التمويل، وقد أربك هذا النظام الأكثر تعقيدًا من أسعار متعددة المحللين والمستثمرين في الماضي، وتم إسقاطه بعد انخفاض الليرة في أوائل عام 2018.
كل هذا ربما يترجم إلى البنك المركزي عقد أسعار الفائدة عندما يجتمع يوم الخميس، وسيحرص المستثمرون على سماع ما تقوله لجنة السياسة النقدية عن المخاطر التضخمية لانخفاض قيمة الليرة مؤخرًا ومسار تشديدها الخفي.
ونقلت بلومبرج، عن زياد داود، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة، قوله إن المستثمرون فقدوا مرة أخرى الثقة بالليرة، مع انخفاض سعر الفائدة الحقيقي في تركيا إلى أدنى مستوى بين الأسواق الناشئة وسط دورة تخفيف قوية، وفي الوقت نفسه، لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتوقع المزيد من خفض أسعار الفائدة.
وواصلت الليرة التركية رحلة سقوطها خلال تعاملات نهاية الأسبوع (الجمعة)، لتسجل مستوى قاع تاريخي جديد مقابل الدولار مع استمرار تصاعد عجز الحساب الجاري، ويرى مراقبون أن تواصل سياسة الإنكار الحكومي تفتح الباب على مصراعيه لكارثة اقتصادية مقبلة.
وسجل الدولار سعرًا تاريخيًا مرتفعًا عند 7.38 ليرة، مع توقعات بمزيد من انهيار العملة التركية، التي تراجعت بنحو 20 في المئة مقابل الدولار منذ بداية العام، وبمعدل تقلب يفوق 71 في المئة خلال 30 يومًا، لتكون أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداءً.
وهوت الليرة مجددًا بعد تصريحات مثيرة لوزير الخزانة والمالية التركي برات البيرق، عن أن تأثير انهيار العملة على التضخم قد يكون محدودًا، بينما الليرة تترنح في الأسواق.
ويحذر محللون من أن الخيارات تنفد أمام أنقرة للتعامل مع الارتفاع المستمر في التضخم والواردات، إضافة إلى احتياطيات العملة الأجنبية المستنزفة بشدة لدى البنك المركزي، الذي تكبد كثيرًا خلال تعامل البلاد مع جائحة فيروس كورونا.
وفي ظل التراجع القياسي لليرة التركية مقابل الدولار واليورو، يشعر الأتراك بالقلق من تآكل الدخل والقوة الشرائية وانخفاض مستويات المعيشة في بلد معتاد على حرية التجارة والسفر.
وبلغ حد الفقر للفرد الواحد في تركيا خلال شهر يوليو الماضي 3.728 ألف ليرة و85 قرشًا. وحدد مركز البحوث والتطوير في تركيا خط الفقر لعائلة مكونة من 4 أفراد بـ7.733 آلاف ليرة و85 قرشًا. وأظهرت النتائج ارتفاع الحد الأدنى للنفقات الضرورية لأسرة مكونة من 4 أفراد بنسبة 2.53 في المئة في يوليو مقارنة بشهر يونيو.
ويأتي استمرار التراجع في الليرة التركية رغم بيع البنوك التركية الدولار بقوة خلال معظم فترات العام لدعم الليرة. ويعكس تدهور العملة بنسبة كبيرة مقابل الدولار منذ مطلع العام القلق في الأسواق، وهذا الأمر يزيد الدين الساحق بالعملات الأجنبية الذي يثقل كاهل القطاع الخاص.
ويبدي المستثمرون قلقهم من استمرار تهاوي الليرة إلى مستويات قياسية وعدم استقرار الأسواق وينظرون بارتياب إلى وضع البنوك التركية رغم محاولة إردوغان رسم صورة مثالية عن وضع البنوك.
وتوقع البنك الدولي أن يمر الاقتصاد التركي بفترة حرجة خلال العام الحالي وأن ينكمش بنسبة 3.8 في المئة في نهايته، لافتًا إلى أنه لا يزال من غير المؤكد نوع الانتعاش الذي سيحدث في العام المقبل (2021).
وقال البنك الدولي، في تقرير عن أداء الاقتصاد التركي في ظل وباء كورونا، إنه في حين أن الحاجة إلى إبقاء تفشي فيروس كورونا تحت السيطرة والحفاظ على موقف حكيم يحد من الاستهلاك، فمن المتوقع أن تعاني الشركات من أعباء الديون، وأن يؤدي ضعف الطلب الأجنبي إلى إبطاء الصادرات.
وأوضح أن الصدمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا كان يمكنها أن تجر 3.3 مليون شخص في تركيا إلى الفقر، لكن تم إنقاذ ثلاثة أرباع هؤلاء من الوقوع في براثن الفقر بتوسيع برامج الدعم الاجتماعي التي تنفذها السلطات التركية منذ بداية انتشار الفيروس في مارس الماضي.
وفي غضون ذلك، سجل ميزان الحساب الجاري التركي عجزًا قدره 2.93 مليار دولار في يونيو الماضي، بانخفاض طفيف عن توقعات السوق، وفقًا لبيانات البنك المركزي التركي الصادرة أمس.
وأظهرت البيانات أن رقم شهر يونيو زاد بمقدار 2.8 مليار دولار مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. وقال البنك، إن إجمالي العجز التدريجي للبلاد على مدار 12 شهرًا بلغ 11.1 مليار دولار.