«فاينانشيال تايمز»: تحول «تسلا» إلى التعدين ينشط سلسلة توريد البطاريات للسيارات الكهربائية
عندما عقد صانع السيارات الكهربائية الأمريكى «تسلا»، الشهر الماضى، «يوم البطارية» فى موقف سيارات خارجى فى كاليفورنيا، دعا المديرين التنفيذيين فى شركتى الليثيوم الأمريكيتين الكبيرتين «ليفنت» و«ألبيمارل»، ليستقبلا مفاجأة وهما يشاهدان الحدث على شاشتيهما داخل السيارة «تسلا موديل 3 أس»، إذ أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لـ«تسلا»، أن شركته أصبحت منافساً لهما.
قال ماسك إن «تسلا» حصلت على حقوق ملكية قطعة أرض مساحتها 10 آلاف فدان فى ولاية نيفادا الأمريكية، حيث تخطط لاستخراج المعدن باستخدام ملح الطعام بكل بساطة، وستشيد مصفاة الليثيوم لإمداد مصنع جديد فى ولاية تكساس الأمريكية.
وفى اليوم التالى، خسرت «ألبيمارل» و«ليفنت» ما يصل إلى 1.7 مليار دولار من قيمتهما السوقية مع انخفاض أسعار أسهمهما. ومع ذلك، لا يزال المطلعون والمراقبون فى الصناعة يتشككون فى إمكانية تشكيل صانع السيارات الكهربائية تهديداً تنافسياً خطيراً بالنسبة لمنتجى الليثيوم المعروفين. لكنهم يعتقدون أن خطة «تسلا» قد لا تؤتى ثمارها لأعوام، بل إنها مصممة بدلاً من ذلك لفرض ضغوط على الصناعة، التى تهيمن عليها خمس شركات، لزيادة الإنتاج.
وقال العضو المنتدب لدى شركة «بينشمارك مينرال إنتلجينس» للاستشارات، سيمون موريس، إنَّ ماسك أثار حالة من الاضطراب بين المجموعة.
وأضاف موريس: «ثمة رسالة موجهة مفادها أننا لا نثق بك فى التوسع بسرعة كافية لتلبية احتياجاتنا.. لذا سنفعل ذلك بأنفسنا»، مشيراً إلى أن المفاجأة التى أعلنها ماسك تعتبر بمثابة صفعة على وجه شركات التعدين.
ولم تستجب «تسلا» لطلبات التعليق، لكن ماسك غرد يوم الأربعاء على موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، رداً على تقرير صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، وقال إن «تسلا» ستقوم بتعدين الليثيوم حسب الحاجة فقط.
وأوضح المراسل هنرى ساندرسون، فى مقال نشرته «فاينانشيال تايمز»، أن «تسلا» تسعى إلى خفض تكلفة بطارياتها بأكثر من النصف، سعياً منها لإنتاج سيارة كهربائية بقيمة 25 ألف دولار يمكنها منافسة السيارات العاملة بالبنزين متوسطة المدى فى السوق.
وذكر المحللون فى مجموعة «سيتى جروب»، أن صناعة الليثيوم ستحتاج إلى النمو بأكثر من 8 أضعاف فقط لدعم «تسلا»، وذلك للوصول إلى نسبة الإنتاج السنوى المستهدفة والبالغة 20 مليون سيارة بحلول عام 2030، الأمر الذى يتطلب بطاريات بسعة 3 تيراوات فى الساعة سنويا.وقالت شركة «وود ماكينزى» لاستشارات الطاقة إن ثمة حاجة لاستثمار 50 مليار دولار فى صناعة الليثيوم خلال الـ15 عاماً المقبلة لتلبية الطلب على البطاريات، إذا كان العالم يريد أن يفى بأهداف اتفاقية باريس للمناخ.
وكافح منتجو الليثيوم، للتوسع فى مواجهة ثلاثة أعوام من هبوط الأسعار، إذ انخفض سعر هيدروكسيد الليثيوم، ذلك النوع الذى تستخدمه «تسلا»، بنسبة %20 خلال العام الماضى، وفقاً لشركة «بينشمارك مينرال إنتلجينس».
وتجدر الإشارة إلى أن الأسعار المنخفضة التى سُجلت فى أغسطس دفعت «ألبيمارل» إلى إغلاق منشأة الليثيوم مؤقتاً فى منطقة سيلفر سبرينجز بولاية نيفادا الأمريكية، كما أنها خفضت مستوى الإنفاق على مصفاة هيدروكسيد الليثيوم فى غرب أستراليا. ودون مزيد من الاستثمار، تخاطر «تسلا» بنقص الليثيوم ومواجهة ارتفاع محتمل فى الأسعار على مدار العقد المقبل،
ووقعت الشركة الأمريكية اتفاقية الشهر الماضى مع مجموعة التعدين «بيدمونت ليثيوم»، التى تركز على ولاية كارولينا الشمالية لشراء الإنتاج على مدار خمسة أعوام بدءا من عام 2022.
ويعتقد الرئيس التنفيذى لشركة «بيدمونت»، كيث فيليبس، أن هذا العقد سيساعد شركته فى الحصول على التمويل لنقل المنجم إلى مرحلة الإنتاج.
وأشار فيليبس، إلى أن إحدى المشكلات التى تواجهها «تسلا» هى وجود احتكار مزدوج خارج الصين لهيدروكسيد الليثيوم فى «ألبيمارل» و«ليفنت»، لكنهما لم يطورا قدراتهما فى مجال التنقيب والإنتاج، فى حين أن متطلبات «تسلا» تزداد كل عام، مضيفا: «إذا كان بإمكانهما المساعدة فى تمكين الآخرين من النجاح، فإن هذا الأمر يجلب مزيداً من المواد إلى السوق، مما يعتبر أمراً مفيداً لهما».
وقال الرئيس التنفيذى ماسك، إن «تسلا» يمكن أن تخفض تكلفة إنتاج الليثيوم بنسبة %33 عن طريق إنتاج الليثيوم من «بيدمونت» وأماكن أخرى فى مصفاتها الجديدة فى تكساس.لكن المستشار فى صناعة الليثيوم، جو لورى، يقول إن هذه الخطوة لن تلبى سوى جزء صغير من احتياجات «تسلا»، موضحاً: «لا أعتقد أن (تسلا) ستنجح فى توفير نسبة عالية من متطلباتها من الليثيوم، بل إنهم سيكافحون مثل أى شخص آخر يدخل هذه الصناعة، فليس من السهل صنع كيماويات الليثيوم عالية الجودة، وإيلون يدرك ذلك، لكن هل مزاعمه كانت مجرد حيلة لإحضار شركات الليثيوم إلى طاولة المفاوضات؟».
وفى الوقت نفسه، يعتقد مسئول تنفيذى آخر فى مجال الليثيوم، أن «تسلا» ستحتاج أيضاً إلى تصاريح فيدرالية لبدء عملية التعدين فى نيفادا، وهى عملية قد تستغرق أعوام.
ويعتقد موريس، من «بينشمارك مينرال إنتلجينس»، أن الهدف الحقيقى لبيان «يوم البطارية» هو بدء بناء سلسلة توريد الليثيوم فى الولايات المتحدة، خصوصاً أن الصين تقوم بتكرير ومعالجة %80 من مواد البطاريات فى العالم وتهيمن أيضاً على إنتاج مكونات البطاريات مثل، الكاثود والأنود.
وقال موريس، إن الاستغناء عن دور الصين سيسمح لـ«تسلا» بدمج الإمدادات بالكامل، بداية من المواد الخام الأساسية إلى البطاريات، فى عودة إلى هنرى فورد، الذى اشترى مزارع المطاط فى الأمازون لتوفير المواد المستخدمة فى الإطارات.