صُناع السيارات الكهربائية الناشئون الصينيون يتحدون عمالقة أوروبا واليابان
عندما يتعلق الأمر بالهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، فقد بدأ شعار «صُنِع فى الصين» يفقد دلالاته السلبية بالنسبة للمستهلكين فى الغرب.
ويعتقد صانع السيارات الصينى (أيويز) (Aiways)، أنه ليس هناك ما يمنع تطبيق الأمر نفسه على السيارات الكهربائية.
فقد كشف عن أحدث موديلاته، سيارة الدفع الرباعى «يو 5» الكهربائية بالكامل، للسوق الفرنسى فى حدث عُقد عبر الإنترنت الشهر الماضى.
وبالحديث عن تصميم «يو 5» وقدراتها، قال أحد مقدمى الحدث، إنَّ «التصميم بسيط للغاية ومرتب، والسيارة حديثة وحتى طريقة التوزيع حديثة».
وتعمل الشركة الناشئة التى تتخذ من شنغهاى مقراً لها، على شحن سياراتها من خلال شركاء محليين للعملاء فى أوروبا من مصنعها فى مقاطعة جيانغشى بشرق الصين، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وهذا الترتيب يساعد «أيويز» على إبقاء الأسعار منخفضة، إذ يبلغ سعر السيارة الكهربائية الجديدة حوالى 39 ألف يورو (46 ألف دولار)، وهو أرخص بنسبة %10 إلى %15 من منافسيها.
ويعتقد ألكسندر كلوزه، نائب الرئيس التنفيذى لشركة «أيويز»، والمسئول عن عملياتها الخارجية، أن ظهور الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الصينية ساعد فى إقناع العالم بأنه «قد يكون هناك أيضاً بعض المنتجات عالية الجودة التى تخرج من الصين».
وأوضح «كلوزه»، فى حوار مع مجلة «نيكاى آسيا»: «لدينا بعض التحديات، لكن بشكل عام أود أن أقول إنها كانت إيجابية إلى حد ما بالنسبة لنا وشهدنا اعترافاً إيجابياً بنا إلى حد ما».
لم تكن «أيويز» الشركة الوحيدة التى تبنت هذه الفكرة، فقد وضع عدد متزايد من صناع السيارات الكهربائية الصينيين أنظارهم على الأسواق الخارجية، ويخططون للمنافسة على الجودة بقدر السعر.
وتراهن «بى واى دى»، صانع السيارات الصينى المدعوم من خبير الاستثمار الأمريكى وارن بافيت، على النرويج، فقد شحنت أول 100 سيارة دفع رباعى بمواصفات أوروبية إلى التجار هناك فى شهر يونيو، وتخطط لتسليم 1500 بحلول نهاية العام.
ومثل «أيويز»، تحرص «بى واى دى» على الاستفادة من تصور المستهلكين الخارجيين المحسن عن المنتجات الصينية.
وقالت «بى واى دى» لـ«نيكاى آسيا»: «لن نرتكب نفس الأخطاء التى ارتكبتها العلامات التجارية الصينية الأخرى منذ أكثر من 10 أعوام فى المسرح الأوروبى، فقد حاولوا إطلاق مركبات بطريقة رخيصة للغاية ومتسرعة، دون الاستعداد التام».
وأضافت: «معظم الناس لم يسمعوا عن بى واى دى حتى الآن، لذلك من المهم إتمام الأمور بشكل صحيح وليس بدء الحديث عن حجم المبيعات».
وتأتى شركة «نيو» ضمن الشركات الناشئة الصينية الأخرى التى تتطلع إلى أوروبا؛ حيث يخطط صانع السيارات المدرج فى البورصة الأمريكية لبدء بيع السيارات إلى النرويجيين اعتباراً من سبتمبر، وهى أول دفعة خارجية له.
قال «تو لى»، العضو المنتدب لشركة «سينو أوتو إنسايت» (Sino Auto Insights) ومقرها بكين: «معظم العلامات التجارية الصينية تدخل النرويج؛ نظراً إلى تمتعها بقوانين أكثر ودية للواردات وتقديم إعانات وحوافز أعلى لمواطنيها».
جدير بالذكر، أن النرويج هى الدولة الأولى التى تصدرت فيها السيارات الكهربائية نسبة %50 من مبيعات السيارات الجديدة.
فى غضون ذلك، وجدت شركة «أيويز»، المدعومة من شركة «ديدى تشوكسينج» الصينية، شريكاً فى إيطاليا الشهر الماضى، وهو سوقها الأوروبى السادس بعد فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك.
يأتى الاتساع الخارجى من قبل صناع السيارات الكهربائية الصينية والشركات الناشئة فى وقت تصبح فيه المنافسة فى الداخل شرسة.
لقد ضاعف صانع السيارات الكهربائية الأمريكى «تسلا» مبيعاته فى الصين العام الماضى.
وبرغم أن الولايات المتحدة ثانى أكبر سوق للسيارات فى العالم، فإنَّ التوترات التجارية والتعريفات الجمركية تجعلها هدفاً صعباً بالنسبة للشركات الناشئة الصينية.
كذلك، تقدم أوروبا واليابان تبايناً مرحباً به، وهو شهية قوية للسيارات الصديقة للبيئة، لكنَّ عدداً قليلاً نسبياً من المنافسين المحليين يوفرونها.
فى عام 2020، تم بيع 23.800 سيارة كهربائية صينية فى أوروبا الغربية، بزيادة %1290 على عام 2019، بحسب تقرير يناير الصادر عن شركة الأبحاث «شميدت أوتوموتيف ريسيرش» (Schmidt Automotive Research) ومقرها برلين.
وجاء نحو نصف هذه المبيعات فى الربع الرابع فقط، كما وصل إجمالى المبيعات للأشهر الخمسة الأولى من عام 2021 إلى 13 ألف سيارة، وهو رقم ربما كان أعلى لكن بالنسبة لبكين التى حظرت انتقال بطاريات الليثيوم أيون بالسكك الحديدية لخارج البلاد، بحسب ماتياس شميت، مؤسس «شميدت أوتوموتيف ريسيرش».
فى النصف الأول من عام 2021، كانت السيارات الكهربائية الأكثر مبيعاً فى أوروبا هى «تسلا موديل 3» و«فولكس فاجن أى دى 3» و«رينو زوى»، ولم تأتِ أى شركة صينية ضمن المراكز الخمسة الأولى، بحسب شركة الأبحاث.
لعقود من الزمان، كانت المنافسة فى صناعة السيارات تتوقف على الاستثمار الضخم فى المحركات وناقلات الحركة وأنظمة نقل الحركة المعقدة، ما أدى لوضع حواجز دخول كبيرة للوافدين الجدد.
وتعتقد «شميدت أوتوموتيف ريسيرش»، أنَّ السنوات القليلة المقبلة ستكون حاسمة لشركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية فى أوروبا.
كما هو الحال مع أوروبا، تقدم اليابان فرصاً لشركات السيارات الكهربائية الصينية؛ بسبب النقص النسبى فى المنافسة المحلية، وفقاً لما قاله سانشيرو فوكاو، كبير الزملاء فى معهد إيتوتشو للأبحاث.
وحتى شركة «ميتسوبيشى موتورز» اليابانية فى حالة تأهب، رغم أنها تعتزم إطلاق واحدة من أرخص السيارات الكهربائية الصغيرة فى البلاد فى العامين المقبلين.
فقد قال رئيس الشركة تاكاو كاتو: «الشركات الصينية ستكون منافساً لنا فى المستقبل».
ومع ذلك، يعتقد «كلوزه»، من شركة «أيويز»، أن هناك مساحة كافية للنمو، رغم دخول المزيد من العلامات التجارية الصينية إلى السوق الدولى، وإطلاق صناع السيارات التقليديين المزيد من موديلات السيارات الكهربائية. وأوضح «كلوزه»: «هناك طلب كبير حالياً، وأعتقد أنه لا توجد سيارات كافية لتلبية هذا الطلب. هذه الموجة ستستمر فى الأعوام القليلة المقبلة».