الوباء يعرقل الثورة الصناعية القادمة فى بريطانيا
أوضحت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن هذا الأمر يهدد القدرة التنافسية لبريطانيا ضد الاقتصادات المنافسة التى تعمل بالفعل على إعادة تنظيم نفسها بقوة أكبر لتصبح أكثر إنتاجية، وقد يعنى أيضاً الكثير من الآلام على المدى الطويل فى سوق العمل البريطانى، مما يؤخر التكيف الحتمى للعمال ممن يحتاجون إلى إعادة التدريب، حيث أصبحت الوظائف فى الصناعات، بداية من التصنيع إلى البيع بالتجزئة، عديمة الجدوى.
قالت مديرة البحوث والاقتصادات لدى شركة «ماكينزى»، تيرا ألاس : «فى النهاية، سيكون لزاماً على الشركات اللجوء للأتمتة، نظراً لكونها أرخص وأفضل، كما أنها أفضل بالنسبة للموظفين أيضاً».
وأضافت ألاس: «فى القطاعات التنافسية، إما أن نلجأ للأتمتة ونستمر فى المنافسة، أو يقوم شخص آخر باستخدام الأتمتة ونشحن البضائع من بلد آخر».
لطالما كانت بريطانيا بطيئة إلى حد ما فى التحرك تجاه ما يسمى بـ «الثورة الصناعية الرابعة»، التى تعمل على الاستفادة من إمكانات الروبوتات والذكاء الاصطناعى، واتضح هذا الأمر فى تقرير صدر عن المشرعين خلال العام الماضى لدعوة الحكومة إلى تطوير استراتيجية لتسريع هذا التحول.
89 روبوت مقابل كل 10 آلاف عامل
فى التصنيع، على سبيل المثال، تمتلك المملكة المتحدة 89 روبوت فقط مقابل كل 10 آلاف عامل، مقارنة بأكثر من 900 روبوت فى سنغافورة- وفقاً للاتحاد الدولى للروبوتات- وهو أدنى مستوى مسجل فى أى اقتصاد رئيسى.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن أحد الأسباب الكامنة خلف هذا الانخفاض هو الاستثمار الضعيف الناجم عن عدم اليقين بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبى وإعادة تحديد العلاقة التجارية لبريطانيا مع الاتحاد الأوروبى.
وقدمت المرحلة الانتقالية التى دخلت فيها بريطانيا عندما غادرت الاتحاد الأوروبى فى يناير الماضى، بعض التشجيع، وارتفعت نوايا الإنفاق على المصانع والآلات إلى أعلى مستوى لها فى عامين، وفقاً لدراسة استطلاعية أجراها اتحاد الصناعة البريطانية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة أخرى ارتفاع الطلبيات على الروبوت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2012.
لكن بعد ذلك تفشى «كوفيد19-»، مما أدى إلى انخفاض الاستثمار فى الأعمال التجارية بأكثر من %30، والإغلاق العام فى البلاد إلى إغلاق الشركات وإبقاء الموظفين بعيداً عن أماكن العمل والتأثير على سلاسل الإمداد الدولية.
ومنذ ذلك الحين، خلق الفيروس حافزا جديدا للشركات للابتعاد عن التوظيف البشرى والعثور على مزيد من العاملين الموثوق بهم والعمليات التى لا يمكن أن تستسلم للمرض، لكن هذا الأمر لم يترجم بعد إلى أوامر جديدة بالنسبة للرئيس التنفيذى لشركة ثارسوس، بريان بالمر، الذى تعمل شركته على إنشاء وتسويق الروبوتات لعملاء مثل عملاق البقالة الإلكترونى «أوكادو».
وفى هذا الصدد، قال بالمر: «لايزال الناس يحاولون اكتشاف كيف يبدو هذا الوضع الطبيعى الجديد؟ فهناك اهتمام أكبر بالأمر، لكن هل هناك استثمار وعمل؟ ليس بعد».
وأفادت «بلومبرج»، بأن هذه الأخبار ربما تشكل مصدر راحة بالنسبة لملايين الموظفين فى المملكة المتحدة الذين يواجهون بالفعل خطر تسريح العمالة مع انتهاء حزمة دعم الأجور الحكومية.
وقال آندى هالدين، كبير الاقتصاديين فى البنك المركزى البريطانى، فى عام 2018، إن ظهور الأتمتة والروبوتات كان يعتبر شبحاً لفترة طويلة بالنسبة لأسواق العمل، إذ يمكن أن تحل تلك الروبوتات محل ما يصل إلى %50 من القوى العاملة العالمية.
تكنولوجيا التشغيل الآلى
وفى دراسة استقصائية لقادة الأعمال الأوروبيين أجرتها شركة «إى واى»، قال أكثر من %80 من المشاركين إن التحول إلى تكنولوجيا التشغيل الآلى ربما يتسارع بسبب الوباء.
وكتب هالدين، فى ورقة بحثية مشتركة مع تشارلى مايفيلد، رئيس سلسلة متاجر «جون لويس»، أنه يجب على الحكومة البريطانية اتخاذ إجراءات لتحفيز ثورة تكنولوجية من شأنها خلق اقتصاد أسرع وأكثر ذكاء وتجهز الشركات لعالم ما بعد الوباء.
وقالت مديرة البحوث والاقتصادات فى «ماكينزى»، ألاس، إن توظيف الأشخاص أصبح الآن أكثر تكلفة بالنسبة للركات، لأنها بحاجة للشعور بالقلق تجاه التباعد الاجتماعى ومعدات السلامة وعمليات الاختبار والتعقب، مشيرة إلى أن الوباء غير بشكل كبير التكافؤ فى الفرص بين رأس المال والعمل.
وأعربت شركة «جيلدهوك»، التى تعمل على تقديم أنظمة الترجمة وإدارة المحتوى لشركات مثل «كيه. بى. إم. جى» و«هيتاشى»، عن ثقتها فى أن الثورة الصناعية الرابعة فى بريطانيا لن تبقى معلقة لفترة طويلة.
ومع ذلك، يكمن الخطر فى إمكانية تخلف المملكة المتحدة بشكل أكثر عن أقرانها إذا لم تستجب الشركات للتغير فى المشهد التكنولوجى.
===