الاحتياطيات النقدية سلاح الدول الناشئة فى وجه ارتفاع العائدات
ربما تستحوذ النقود على نصيب الأسد، وتصبح شعاراً للأسواق الناشئة هذا العام، وفى ظل الزيادة المستمرة فى عوائد سندات الخزانة التى أدت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية، يدقق مستثمرو السندات فى الدول النامية فى الاحتياطيات النقدية للحكومات فى الوقت الذى يتطلعون فيه لاختيار الفائزين المستقبليين.
وقد تكون روسيا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا من بين الدول الأفضل أداءً، إذ قام كل من تلك الدول ببناء دعائم كبيرة، حسبما ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج».
وقال فرانسيسك بالسيلز، كبير مسئولى الاستثمار لديون الأسواق الناشئة لدى شركة «فيم بارتنرز» فى لندن: «يتلخص الأمر برمته فى المرونة وهوامش الأمان».
وأضاف «بالسيلز»: «أنت تريد أن تتمتع الدول بالمرونة اللازمة للصمود فى وجه العاصفة، لذا إذا كان لديهم المال الكافى، أو كانوا متقدمين فى إصداراتهم للسندات، أو إذا كانت البنوك المركزية توفر لهم الدعم، فإنَّ كل هذه الأمور من الإيجابيات التى يجب أخذها فى الاعتبار».
وفى الوقت الذى أسهم فيه ضعف الدولار الأمريكى، والتحفيز العالمى القياسى فى ازدهار الأسواق الناشئة فى النصف الثانى من العام الماضى، فإنَّ الزيادة فى عوائد السندات الأمريكية فى الأشهر الأخيرة تجعل المستقبل يبدو مقلقاً قليلاً. وأشارت «بلومبرج» إلى أن العديد من الدول النامية تواجه الآن معضلة حادة، فهى بحاجة إلى تمويل الإنفاق المتزايد من أجل إنعاش اقتصاداتها التى تأثرت بتفشى الوباء، فى وقت بدأت فيه تكاليف الاقتراض فى الارتفاع.
وبشكل عام، صمدت سندات الدول التى تتمتع بمركز تمويلى متميز بشكل أفضل خلال عمليات البيع التى جرت فى عام 2021، بحسب مؤشرات «بلومبرج باركليز».
كما انخفضت ديون جنوب أفريقيا المقومة بالدولار بنسبة %1.5، وانخفضت الديون الروسية بنسبة %7.1، وانخفضت الديون الإندونيسية بنسبة %5.2، بينما تراجعت المؤشرات المماثلة لدولتى بيرو والبرازيل، اللتين يُنظر إليهما على أنهما تحتاجان إلى إصدارات ثقيلة نسبياً، بنسبة تزيد على %8.
ارتفاع النقدية
وبالرغم من أن وزارة المالية الروسية لا تكشف عن إجمالى السيولة النقدية المتوفرة، فإنَّ المبلغ المتبقى من الميزانية المودعة على الودائع المصرفية، وقروض الميزانية، وعمليات إعادة الشراء كان يبلغ 1.7 تريليون روبل «أى 22.3 مليار دولار» فى مارس، وهو المبلغ نفسه المسجل قبل عام تقريباً رغم تفشى الوباء.
وتقدر جنوب أفريقيا أن رصيدها النقدى للعام المالى المنتهى فى مارس ارتفع بنسبة %25 عن العام السابق، ليصل إلى 294.6 مليار راند جنوب أفريقى «أى 20 مليار دولار».
وفى الوقت نفسه، قالت إندونيسيا إنها قد تكون قادرة على خفض مبيعات الديون؛ نظراً إلى أنها تملك أكثر من 8 مليارات دولار من الأموال غير المنفقة اعتباراً من يناير.
وقال نيك إيزينجر، الرئيس المشارك للدخل الثابت النشط للأسواق الناشئة فى «فانجارد أسيت سيرفيزس» فى لندن: «يرجع انخفاض الإصدارات القادمة من روسيا وجنوب أفريقيا إلى النتائج المالية الأفضل، والتى نتجت بمساعدة من البترول الأقوى فى حالة روسيا والإيرادات الأفضل بشكل عام لجنوب أفريقيا، لكن المراكز المزدحمة والإصدارات الكثيرة أو على الأقل الأكثر من المتوقع لا يكافئها سوق جيد حالياً».
ويعتبر الوضع أقل إيجابية فى أمريكا اللاتينية؛ حيث تأتى البرازيل وبيرو ضمن الاقتصادات الناشئة التى يتوقع أن تكثف إصداراتها، كما أن الوباء لا يزال يشكل مصدر قلق كبيراً فى البرازيل، فى حين أن الميزان المالى فى بيرو لا يزال فى منطقة سلبية للغاية هذا العام.
إيجاد فائزين
وفى ظل التحديات التى تواجه الأسواق الناشئة ككل، فإنها من المقرر أن تخدم ما يقرب من 3 تريليونات دولار من الديون المحلية المستحقة خلال الفترة المتبقية من عام 2021، بحسب البيانات التى جمعتها «بلومبرج».
ويأتى هذا فى وقت كانت فيه موجات العدوى المتكررة بوباء «كوفيد- 19»، تعنى أن الكثيرين لا يزالون مضطرين لتمويل حوافز كبيرة لحماية اقتصاداتهم من تداعيات الوباء، كما أن هناك أيضاً خطر التداعيات المحتملة للاضطرابات الأخيرة فى تركيا.
وقال هاكان أكسوى، مدير صندوق السندات السيادية للأسواق الناشئة فى شركة «أموندى» لإدارة الأصول فى لندن: «سيتم تحديد الفائزين من خلال سياسة مالية ناجحة وعجز أقل فى الموازنة وحجم الإصدارات المناسب».
وأشار «أكسوى» إلى أن مدى قوة السياسة المالية سيعتمد على إدارة الدولة للوباء، لكن إذا سارت الأمور فى نفس الاتجاه، فقد نشهد انخفاضاً فى المعروض من إصدار السندات المحلية فى المستقبل.